يعتبر الهاتف أو الموبايل من أكثر الوسائل الإلكترونيّة تأثيرًا بالإعلام الحالي، وذلك استنادًا الى معايير كثيرة، وبما أنّ هذا الجهاز الذكي طبع مكانته الخاصّة في عالم الصحافة الجديد، بتنا نسمع بـ”صحافة الموبايل” كزاوية إعلاميّة مستقلّة بحدّ ذاتها.
وانطلاقًا من “صحافة الموبايل”، لا بدّ من الغوص في كيفيّة إنتاج الفيديو بواسطة الهاتف، الأمر الذي يعدّ ثورة تكنولوجيّة تستحق الإضاءة عليها والسعي لتطويرها .
بناء القصة المصورة
لا بدّ من الإشارة إلى الفارق الضئيل بين التخطيط لإنتاج أكبر البرامج التلفزيونيّة وانتاج قصة مصوّرة باستعمال الموبايل، ففي الحالتين، تحتاج لتخطيط مسبق ووضع تصميم أولي ودراسة محكمة للأمور وبحث افتراضي وواقعي للنجاح في تصوير الحقيقة التي تسعى لإيصالها للمتلقي.
إنّ أوّل ما عليك التفكير به عند انتاج قصة مصوّرة هو التركيز على زاوية واحدة للمعالجة، عبر وضع خطة محكمة ودقيقة، ترتّب خلالها الخطوات من أبسطها الى أصعبها، من خلال التصوّر الذهني للعمل، ثمّ تسجيل التصميم على ورقة وبعدها الإنطلاق بالتنفيذ الميداني .
لتصوير برنامج بالموبايل تلزمك المعدات، وهذا هو الفرق بين صحافة المويايل والتصوير بكاميرات احترافية، فالتصوير بالموبايل لا يغنيك عن مراقبة جودة بعض الأمور لتصل للمستوى الإحترافي أو تقترب منه وبوسائل بسيطة وغير مكلفة وسهلة الحمل والتطبيق.
يلزمك هاتف نقال بكاميرا جيدة، وهذا الأمر أصبح سهلا في الوقت الحالي نظرا لتوافر أجهزة جيدة وبثمن زهيد، إضافةً إلى عصا سيلفي أو حامل ثلاثي صغير ومايكروفون، مع العلم أنه يمكنك الاستغناء عن كل ما سبق إذا لم تستطع الحصول عليها وتكتفي بالهاتف النقال لوحده، فمثلا يمكنك التصوير بمكان لا تتردّد فيه أصوات خارجية ما يجعل الصوت جيدًا وإذا كانت هناك رياح حاول وضع منديل أو القليل من القطن على السماعة لتقوم بتصفية الصوت، كما يمكنك وضع الهاتف على طاولة وصنع حامل من الورق المقوى أو الاكتفاء بيديك مع عدم التحرك وضبط الكتفين وإلصاقهما بالجسم ومسك الهاتف بشكل افقي.
ومن المهم أن تقف بشكل معاكس للشمس، أي أن تبقى أشعتها وراءك، كي لا يصبح الضوء ساطعًا أو يعكس ظلاً، وكذلك يُنصح بألا تصوّر خلال الليل كي لا تكون الصورة مظلمة،
التقنيات الآنفة الذكر بسيطة، تستطيع من خلالها الحصول على صورة ذات جودة، خصوصا أن غالبية الأجهزة الحالية تصور بتقنية “فول اتش دي” عالية الجودة” p1080 “وننصحك بالإكتفاء بصيغة” p720 “ليكون الفيديو خفيفا ولأنك ستحتاج الى تنزيل الفيديو على يوتيوب وهذه الصيغة كافية وسهلة للتحميل .
لا تنسى أثناء التصوير تطبيق قاعدة الثلث و أن تأخذ لقطات متنوعة وتحتفظ بأكبر عدد من اللقطات للمكان العام من بعيد ومن الداخل أو ملامح الشخص وحركاته إذا كنت تصور مقابلة فستفيدك كثيرا بمرحلة المونتاج، ففرق بين فوكس بوب (أساسيات تصوير مقابلات الشوارع وحياة المدن ) والتصريحات .
“آي موفي” و”ستوري مايكر” .. مونتاج الموبايل
من خلال ما سبق يمكنك الحصول على صور محددة ومتعددة، تدخل كلها في صلب القصة المصورة، إلا أنه بدون مونتاج يقترب من الإحترافية لا يمكنك الحديث عن برنامج أو قصة مصورة بالموبايل، إنّ برامج المونتاج الحالية على الحاسوب أفضل من الهاتف بكثير وأكثر احترافية، لكن المنافسة بين الشركات من جهة وأصحاب التطبيقات أعطتنا برنامج متطورة مثل “آي موفي” على أجهزة آبل iosو”ستوري ميكر” على الأجهزة التي تعمل على أندرويد، والكثير من التطبيقات المهمة بهذا المجال .
يعتبر تطبيق “آي موفي” ثورة في صحافة الموبايل أو ما يصطلح عليه بـ”موجو mojo ” وهو متوفر في متجر آبل بشكل مجاني، لأجهزة آيفون 6 و 7 بلاس وكذلك الأجهزة اللوحية، وبثمن زهيد لهواتف آيفون 4 و 5 ، من مميزاته أنه يمنحك سرعة كبيرة في الإنتاج واللصق واضافة الأصوات والمؤثرات وتحسين الإضاءة والكتابة ويدعم اللغة العربية.
” ستوري مايكر ” هو تطبيق نظام أندرويد مفتوح المصدر مصمم لمساعدة الصحفيين والنشطاء على كيفية تعلم جمع وإنتاج ونشر القصص عبر الوسائط المتعددة. والتقاط وتحرير الصور ومقاطع الفيديو وتسجيل الصوت وعرض شرائح صوتية وكتابة النصوص ودمج عناصر الوسائط المتعددة هذه في قصة نهائية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى موقع التطبيق ستوري مايكر. ولكن فضلاً عن كونه أداة للإنتاج والنشر، فإن ستوري مايكر يعد تطبيقاً تدريبياً يقدم دروساً في مجال الصحافة والصوت والتصوير الفوتوغرافي والفيديو والأمان.
عند استعمالك لأحد البرامج السابقة أو تطبيق آخر، شاهد ما قمت بإنتاجه لمرات عدة، لأنه في كل مرة ستجد بعض الأخطاء التي تحتاج للإصلاح مثل تناسق “الفوايس أوفر” مع الصوت المسجل أو المؤثرات الصوتية الأخرى أو القص من مكان غير مناسب، والأهم لا تنتج قصة مصورة تفوق الدقيقتين أو برنامجا يفوق 7 دقائق مكونا من عدة قصص، فكلما كان التقرير صغيرا كلما حظي بمتابعة أكبر على الإنترنت .
النشر والتشبيك ..قوة الموبايل
تمتلك صحافة الجوال إمكانية كبيرة بوضع التقارير الإخبارية في أيدي المجتمعات الصغيرة وتسهيل عملية تبادل للمعلومات بين المستخدمين بشكل كبير ، نتيجة سهولة استخدام الهواتف الجوالة مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية مثل الراديو والتلفاز والصحف ، فقوة صحافة الموبايل تتجلى في التشبيك وسهولة النشر وتبادل المعلومة والتواجد الدائم بمكان انتاج الخبر من خلال صحافة المواطن .
النشر على الإنترنت من خلال الموبايل ومتابعة الأخبار كذلك من على نفس الجهاز، يجعل تناول المعلومة أمرا فعالاً في عصرنا الحالي، فكل المنصات العالمية تراهن حاليا على الفيديو، وامكانية النشر بسرعة على فايسبوك وتويتر ويوتيوب وغوغل بلاس وواتساب وغيرها من الشبكات، ما يتيح انتشار القصص الإخبارية الجادة .
وبعد سرد النقاط التي يجب اتباعها لإنتاج فيديو من خلال الجوال، لا بدّ من التذكير بضرورة النزاهة والإلتزام بأخلاقيات الصحافة، وعندما يصبح الفيديو جاهزًا، وزّعه على المنصات عبر الانترنت وانتظر النتيجة من خلال تفاعل الناشطين.