في الوقت الذي تكافح فيه وسائل الإعلام باستمرار للحصول على عدد من النقرات على الروابط التي تنشرها، أصبح إهتمام القرّاء بالمنشورات أمرًا رائجًا تُلاحقه المؤسسات. ونلاحظ أنّ المؤسسات الإعلامية باتت تستهدف القرّاء على الانترنت عبر نشر عناوين مستفزّة أحيانًا.
ولكنّ ذلك لا يعني أنّ الصوت العالي يحمل بالضرورة الرسالة الأكثر أهمية. وبدلاً من “الصراخ المستمر”، يجدر بنا أن نحاول أن نبني الثقة مع الجماهير، بحسب ما قاله المتحدثون عن أهميّة إعارة القارئ الاهتمام، خلال المهرجان الرقمي الذي نظّمتهريبوبليكا في برلين.
فقد أوضح برنارد بوركسين، أستاذ علوم الإعلام في جامعة توبنجن أنّه في هذه المعركة من أجل جذب اهتمام القراء، تواجه وسائل الإعلام معضلة من اثنين من المبادئ الأساسية. من ناحية، هناك مبدأ الشعبية، إذ تميل العديد من المنشورات إلى توجيه نفسها نحو ما يريد جمهورها قراءته، مما يؤدي إلى استراتيجية “تقديم ما يعجبهم”. والثاني هو المبدأ الأبوي، مشيرا إلى رغبة وسائل الإعلام في تزويد الناس بالمعلومات التي تراها هي مهمة.
من جانبها، قالت باربرا هانس، مديرة التحرير في مجلة شبيغل أونلاين “تختلف الطرق التي نتعامل بها مع قضية الاهتمام كثيرا، عندما نقارن بين وسائل الإعلام التقليدية ووسائل الإعلام الاجتماعية”، موضحةً أنّه “في وسائل الإعلام الاجتماعية، المستخدم هو المعيار، وبدون المستخدمين، لن تكون هناك وسائل تواصل إجتماعي”.
ومع ذلك، يواجه مستخدمو وسائل الإعلام الاجتماعية المشكلة المعروفة جيداً لـ”فقاعات الترشيح” الإخباريّة، إذ تسعى مكاتب التحرير إلى جلب مواد جديدة وحاسمة لقرائها.
وتضيف هانس: ” إن مهمة الصحفي هي مواجهة القارئ وإحاطته بالأمور التي لم يكن يعرف أنها مهمة بالنسبة له، وهو لم يكن يعلم بوجودها حتى نشرها في الإعلام”، ولفتت الى أنّه إذا استمرّت وسائل الإعلام بنشر العناوين الصارخة فقط، فستخسر المصداقيّة والفرصة لكي يسمع لها القارئ ويتعلّم منها.
في السياق عينه، استخدم ماركوس إنجرت، المحرر السياسي في موقع بازفيد بنسخته الألمانية مثال فايسبوك، ليوضح كيف نجحت وسائل الإعلام في تكييف محتواها لمواكبة سباق الاهتمام المستمر عبر الإنترنت، من تقديم مقالات فورية لتشجيع الفيديو، وقال إنّ تحديد منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك لنوع المحتوى، سيكون أكثر قربًا وقراءةً من قبل مستخدمي الموقع.
وأضاف: “يشتهر بازفيد بالمحتوى الذي يلاقي انتشارًا كبيرًا مثل مقاطع الفيديو، بالإضافة إلى التحليل السياسي المتعمق الجاد. لقد كانت هذه استراتيجية ناجحة للغاية لجذب انتباه القراء”، مشيرًا إلى أنّ قسم السياسة في الموقع يستفيد ويتعلّم أيضًا من قسم الترفيه والمنوعات.
وقال إن مقالة سياسية متعمقة قد لا تحصل على عدد كبير من النقرات كفيديو مدته دقيقة واحدة، ولكن ذلك له علاقة بمدى اهتمام الجمهور، وليس بطبيعة المحتوى. وأوضح أيضًا أن المقالات الجدية لا تحتاج إلى أن تكون صعبة القراءة أو خالية من الصور.
ويرى إنجرت أنّه “عندما تصبح وسائل الإعلام مركزة على نشر قصة إخباريّة لم يتم فحصها بشكل صحيح، فإنها تتناقض مع مبادئ الصحافة الجيدة وتظهر أنها لا تأخذ قراءها على محمل الجد، لأنها تعتقد أنها يمكن أن تعطي قرّاءها أي خبر”.
في النهاية ، اتفق أعضاء اللجنة على أن وصفة النجاح في العصر الرقمي هي البقاء ملتزمين بالمبادئ الأساسية للصحافة: الإثبات أولاً والنشر ثانيًا، كذلك استخدام عدة مصادر والعمل بشفافيّة.
المصدر: شبكة الصحفيين الدوليين