حتى مع الإعلام الجديد، بقي فن البروفايل مُحافظاً على وجوده، حيث لا شيء استطاع أخذ مكانه بقوة، ولكنه مع ذلك ليس منتشراً بصورة يُعرف
والبروفايل كما تُعرفه إذاعة بي بي سي البريطانية هو “تقرير يتضمن سيرة شخصية ما ويذاع عند تسلمها مسؤولية ما أو تنحيها عن سدة المسؤولية أو عند الفوز بجائزة ما أو ما شابه ذلك. فيه عادة أبرز المحطات والمعالم التي جعلت تلك الشخصية مؤثرة في الاحداث أو متأثرة بها. يستخدم البروفايل أيضا للحديث عن مؤسسة أو منظمة او حزب أو جماعة تقوم بدور ما يجعلها مادة خبرية”.
من جانبه، يقول الصحفي حسن جبر وهو محرر في جريدة الأيام الفلسطينية، وأعدّ الكثير من البروفايلات في حديث مع شبكة الصحفيين الدوليين: “إنّ البروفايل الصحفي هو فن صحفي يدمج ما بين القصة وتحقيق الشخصية، وكأنّه يضع إطاراً حول شخصية ما ويُركّز عليها ويبدأ في وصفها، وكتابة كل ما يتعلق بها بطريقة فنية جميلة”.
وأشار الى أنّ “البروفايل هو فنُ صحفي يصلح أن يكون فيلماً، فهو يتدرج من الحياة الشخصية إلى العامة، بما في ذلك وصف محيط الشخصية، كما يعتمد على الوصف والمعلومات، وتتبع مسار حياتها إضافةً الى سلاسة في الوصف”.
كذلك فلا يمكن لأي صحفي أن يُبدع في هذا المجال، فهو يحتاج لقوة لغوية ووصفية وأدبية، لذا يتميز الصحفي الذي يستطيع الكتابة في هذا المجال.
وحين سألنا “جبر” عن أهم السمات التي يجب أن تتوفر في الصحفي لكتابة البروفايل، أجابنا:
” 1. القدرة على الوصف: وهذه من أهم السمات، حيث تكمن قوة البروفايل بالبراعة في الوصف الدقيق.
مثال: بروفايل مترجم من كارل شارو، من مدونة كارل ريماركس
2. جمع المعلومات: وذلك عن طريق مقابلة الشخصية التي تنوي إعداد بروفايل عنها، وأيضاً ممن حولها، مثلاً الأصحاب والأهل حتى تتوافر لديك معلومات قوية.
3. الملاحظة: وهذا يأتي عندما تقابل الشخصية، ربما تحتاج لمقابلتها أكثر من مرة، حتى تتضح لك رؤية جميع زوايا القصة، وأيضاً لتترك الشخص يكون مرتاحاً وعفوياً، فتستطيع قراءة تعابيره وتفاعله مع أسئلتك بمنتهى الصدق.
4. القدرة على ربط الأحداث: أحياناً تكون الشخصية ممن يستطردون كثيراً أثناء الحديث، فتختلط لديك الأحداث ما بين قديم وحديث، ما بين مهم وأكثر أهمية، لذا عليك توخي الوعي وترتيب ذلك أثناء الكتابة.
5. الصياغة اللغوية: نُضيف إليها الأدبية أيضاً؛ حتى يتسنى للقارىء أن يمتزح مع قصتك من خلال صياغتك وتلاعبك بالكلمات بما يُضيف التشويق لها.
6. القدرة على استخدام الحواس الخمسة: عندما تُقابل الشخصية لا تلزمك حاسة السمع فقط، إنما الشعور وجميع حواسك، بما فيها حاسة الشم فعلى سبيل المثال: يمكن للصحفي أن يصف لنا في القصة عطراً ما أو رائحة ما، لنشعر وكأننا مع تلك الشخصية ونتفاعل معها”.
يتضح مما سبق بأنه هناك فرقًا واضحًا ما بين القصة الصحفية والبروفايل، فكما يقول جبر: “القصة الصحفية أصغر وأقل تفاصيلا، فالبروفايل يتضمن تفاصيل خاصة، تركيزًا على حياة الشخصية، ويحتاج الصحفي لأخذ التفاصيل كاملة في فن “البروفايل” على جلسة أو جلستين “لتدقيق التاريخ وبعض المعلومات”، ونكتب فيه عن شخصيات مؤثرة في المجتمع، أما في القصة والتقرير فنستطيع الكتابة عن أي شخص مهما على أو قلّ شأنه”.
وهناك تقنية معينة لكتابة البروفايل، بحسب موقع باريس
- -دمج مشاهد مع بعضها البعض
- -الاقتراب من الشخص رويدا رويدا
- -جولة في الأمكنة
- -ملامح من سيرة ذاتية
- -لمحات من حياة الشخص
- -صور وصفية عن قرب.
لكل شكل من الفنون الصحفية قيمة ومعنى وهدف، ولكن قيمة البروفايل هنا تختلف عن البقية، فهي بالإضافة لتأثيرها، تُنير شمعة وأملاً لدى القراء، وبحسب جبر فإنّ “البروفايل هو فن راقٍ من الفنون الصحفية إذ يُلقي الضوء على شخصيات مهمة وناجحة، ويمكن أن تشكل دافعًا للناس للنجاح في حياتهم وتكشف جوانب مهمة في حياة الناس المهمين والمؤثرين بدون كذب أو رياء”.د
المصدر:شبكة الصحفيين الدوليين